اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 143
ايها الأولياء عقول الْيَتامى وتدابيرهم في التصرفات الجارية بين ارباب المعاملات حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ اى السن المعتبر في باب النكاح وهو خمسة عشر عند الشافعى رحمه الله وثمانية عشر عند ابى حنيفة رحمه الله فَإِنْ آنَسْتُمْ اشعرتم وأحسستم مِنْهُمْ رُشْداً وتدبيرا كافيا وافيا للتصرفات الشرعية فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ على الوجه المذكور بلا مماطلة وتأخير وان لم تؤنسوا الرشد المعتبر منهم لا تدفعوها بل احفظوها الى إيناس الرشد منهم لكن وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً مسرفين في اجرة المحافظة وَبِداراً مبادرين في أكلها خوف أَنْ يَكْبَرُوا ويخرجوها من أيديكم وَمَنْ كانَ منكم ايها الأولياء غَنِيًّا ذا يسر فَلْيَسْتَعْفِفْ من أكلها. والتعفف منها خير له في الدنيا والآخرة وَمَنْ كانَ منكم فَقِيراً ذا عسر فَلْيَأْكُلْ منها بِالْمَعْرُوفِ المستحسن شرعا لا ناقصا من اجرة حفظه ولا زائدا عليها حفظا للغبطتين فَإِذا دَفَعْتُمْ ايها الأولياء بعد ما آنستم الرشد المعتبر منهم إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا اى احضروا ذوى عدل من المسلمين عَلَيْهِمْ ليشهدوا فيما جرى بينكم وبينهم وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً اى كفا الله حسيبا فيما جرى بينكم وبينهم في مدة المحافظة يحاسبكم ويجازيكم على مقتضى حسابه. ومن خطر هذه التصرفات قد كان ارباب الولاء من المشايخ قدس الله أسرارهم يمنعون اصحاب الارادة عن أمثالها لان البشر قلما يخلو عن الخطر سيما في أمثال هذه المزالق. ثبت أقدامنا على جادة توحيدك وجنبنا عن الخطر والتزلزل فيها بمنك وجودك.
ثم لما امر سبحانه أولا عباده بالتقوى على وجه المبالغة والتأكيد وقرن عليها حفظ الأرحام ومراعاة الأيتام ومواساة السفهاء المنحطين عن درجة العقلاء أراد ان يبين احوال المواريث والمتوارثين مطلقا حتى لا يقع التظالم والتغالب فيها كما في الجاهلية الاولى إذ روى انهم لا يورثون النساء معللين بان هن لا يحضرن الوغا ولا يدفعن العدو رد الله عليهم هذا وعين لكل واحد من الفريقين نصيبا مفروزا مفروضا فقال لِلرِّجالِ سواء كانوا بالغين أم لا عقلاء أم سفهاء نَصِيبٌ سهمهم مفروض مقدر مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ المتروك مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً مقدرا في كتاب الله كما سيجيء بيانه وتعيينه عن قريب
وَمن جملة الأمور المستحسنة المترتبة على التقوى تصدق الوارثين من المتروك إِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ اى وقتها أُولُوا الْقُرْبى المقلين المحجوبين عن الإرث وَالْيَتامى الذين لا مال ولا متعهد لهم وَالْمَساكِينُ الفاقدون وجه المعاش فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ فأعطوهم ايها الوارثون من المقسم المتروك مقدار ما لا يؤدى الى حرمان الورثة وَقُولُوا لَهُمْ حين الإعطاء قَوْلًا مَعْرُوفاً خاليا عن وصمة المن والأذى
وَلْيَخْشَ من حلول غضب الله ونزول سخطه الأوصياء والحضار الَّذِينَ حضروا عند من اشرف على الموت ان يلقنوا له التصدق من ماله على وجه يؤدى الى حرمان الورثة وعلى الحضار ان يفرضوا ويقدروا انهم لَوْ ماتوا وتَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً أخلافا ضِعافاً بلا مال ولا متعهد قد خافُوا البتة عَلَيْهِمْ اى على أولادهم ان يضيعوا فكيف لا يخافون على أولئك الضعاف الضياع بل المؤمن لا بد ان يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه بل اولى منه فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ اى أولئك الحضار والأوصياء عن التلقين المخل لنصيب الورثة وَلْيَقُولُوا له وليلقنوا عليه قَوْلًا سَدِيداً سويا معتدلا بين كلا طرفي الإفراط والتفريط رعاية للجانبين وحفظا للغبطتين.
ثم قال سبحانه توبيخا وتقريعا على الظالمين المولعين في أكل اموال الأيتام من الحكام
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 143